مراجعة فيلم The Northman


"يصدع التاريخ بالكثير من الأساطير لكن لا أحد يقدر على تخيلها ثم نقل ذلك التخيل إلى فيلم سينمائي يعرض على الشاشة إلا مخرج واحد يدعى روبرت إيجرز.. لكنه لم يصنع فيلماً بل ملحمة فنية أسطورية لن ينساها من شاهدها أبدا"


دموية، عنف، قسوة وانتقام..

مصطلحات معتادة بين أبناء الڤايكنج..

فجميعهم وثنيون من قبائل غجرية اجتمعت فيها كل الوحشية التي أودعها الله في الحيوان لكنهم أضافوا عليها عقائد شيطانية نزعت الرحمة من قلوبهم،لأجل ذلك فيتم الإشارة إلى رجالهم بلقب (رجل الشمال)..


ليس المقصود بهذا اللقب هو الإشارة إلى مكانهم على خريطة اليابسة بل المقصد أعمق من هذا كما شاهدنا في هذا الفيلم.. فجميع رجال الشمال يشبهون جميعهم لا يقل الرجل منهم شراً عن الآخر ولا تختلف المرأة منهم خبثاً عن الأخرى ولا ينشأ طفل صغير من أصلابهم إلا على ما وجد عليه أبوه وجده، تماماً مثلما وجد أمليث أباه ووجد أبوه جده، عالم شيطاني يسكنه الإنس تحكمه مجموعة من السحرة وبدستور من التعاويذ المغلفة بأساطير وثنية ليس لها أصل أو وجود على أرض الواقع..


الدموية..

هي ما نشأ عليه والد أمليث من حكم ورثه أباً عن جد بناه على هياكل عظمية لآلاف البشر، ومن معارك يخوضها والده يسيل خلالها أنهاراً من الدماء يستمد ذلك من معتقداته التي تجعله يعوي ككلب أجرب أصابه السعار، ويعبد صنماً لو نطق لسخر من حماقته التي يعتقدها في مكنون صدره..


الخيانة..

هي ما رءآه أمليث عندما انقلب عمه على ملك أبيه وقتله شر قتلة وأخذ أمه زوجة له وجلس على عرش أخيه ليحكم مملكته مثلما حكم جده ذي قبل بعد أن قتل أخوه..


الإنتقام..

هو ما استقر في عقل أمليث وهو يفر هارباً يبحث عن ملجأ لكي يعود ذات يوم وينتقم لأبيه وينقذ أمه ويقتل عمه.. انتقام نبع من كراهية وغل ومجتمع وبيئة لا تعرف معروفاً قط حتى أصبحت تتفنن في صنع المنكر..


السيناريو..

بعد كل ما ذكرت نجد روبرت إيجرز قد بنى سيناريو الفيلم على ما سبق وقدمه في التريلر، شخص يطمع في الإنتقام واسترداد ملكه فيصطدم بماضيه وما ترعرع عليه وقدره وما هو مخبأ له..

سيناريو لم يخل من التفاصيل المتماسكة والخطوط المترابطة وحتى لو وجدت بعض الصدف لكنها في إطار الأساطير أمور منطقية ومقبول ولا تقلل أبدأ من جودة الكتابة والنص والحوار..


السينيماتوجرافي..

استعراض بصري مبهر سواءاً تداخلت فيه المؤثرات أم لم تتدخل، كون الطبيعة من حولهم لا تحتاج إلى تجميل أو راحة لعيون من يشاهدها، طبيعة ساحرة خلابة وكأنها قطعة من الجنة أنزلها الله على الأرض التي وإن تأملوا فيها قليلاً لعلموا أن هناك خطأ ما فيما يفعلونه ويتوارثونه لكن الأبصار لا تعمى إنما القلوب هي التي أصيبت بالعمى..


الموسيقى التصويرية..

تبدأ بداية هادئة مرتبة رزينة، ترتفع وتحتد ثم تهدأ بعدها تشتد في سياق موسيقي يسبب لك تنويماً مغناطيسي يجعلك تستشعر وكأنك تعيش بين أحداث هذا الزمن القديم والمكان القاسي والأليم..


التمثيل..

لم يستحوذ أحد على الشاشة مثلما استحوذ ألكساندر سكارسجارد وأنيا تايلور جوي وكلاهما لمعا فيما قدماه خصوصاً ألكساندر الذي قدم شخصية ڤايكنج كما تروي كتب التاريخ وكما استقر في مخيلتنا.. بهيبة الشجعان التي تجلت في لغة الجسد والذي كان يتكلم في كل مشهد ولو لم ينطق ألكساندر بلسانه..


الإخراج..

رغم المشاكل التي واجهها روبرت إيجرز عند إخراج النسخة السينمائية لهذا الفيلم مع الشركة المنتجة إلا أنني لم أجد أي سوء في هذه النسخة لكني أعلم أن أمثال روبرت لا يحبون أن يتدخل أحد في عملهم تحت أي ظرف ولو كان ذلك سيمنحهم أكبر الجوائز العالمية..


تمنيت وأنا أشاهد الفيلم بأن يكون روبرت هو مخرج الفيلم السعودي الأمريكي المشترك ذي قار والقادم نهاية السنة، حينها كنا لننتظر تحفة تاريخية أخرى لكن هذه المرة على الأراضي العربية..


الفيلم لا يصلح للمشاهدة العائلية 🔞

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة فيلم مندوب الليل

مراجعة التحفة التلفزيونية Succession

مراجعة فيلم كيرة والجن