مراجعة فيلم The Florida Project


 "سوداوية الفقر بعيون وردية"

منذ أن صدر هذا الفيلم في دور السينما عام ٢٠١٧ وبعد المدح النقدي الكبير الذي حصل عليه وجدت نفسي أضعه في قائمة مشاهداتي التي لا أشاهد منها أي شئ مثل حال الكثير ممن يصنعون تلك القائمة التي نذكرها دائماً لكننا ننسى فحوى ما وضعناه بداخلها، وبالتالي لم يرى الفيلم ضوء غرفتي إلا بعد مرور ٥ أعوام على نزوله حيث انتهيت من مشاهدته قبل دقائق قليلة.. 

قصة الفيلم :

عن الطفلة "موني" وأمها المخبولة "هالي" ومعركتهما المستمرة مع الحياة الفقيرة التي يعيشونها بين جدران موتيل يعج بالفقراء وأصحاب السوابق والعاطلين، حيث يستعرض المخرج شون بيكر تلك المعركة التي تتكرر معهما في كل يوم وليلة لكنه يقدمها من منظور الطفلة التي تتحمل أية مسئولية مما يجعلنا نشاهد الفيلم من منظور وردي جميل رغم تناوله لواقع سوداوي قبيح.. 

الفيلم من نوعية أفلام Underground والتي تحتوي على ألفاظ خارجة بشكل متكرر سواء من الكبار أو حتى الأطفال تماماً مثلما حدث في فيلم Role Model والفيلم اللبناني الذي ترشح للأوسكار كفر ناحوم، مما يعني أن هناك وابلاً من الشباب سيسمعه المشاهد في معظم مشاهد الفيلم..

تذكرت بعد دقائق من بدايته أولئك الذين كانوا يسكنون في مساكن شعبية في مصر والتي تحولت مساكنهم بفعل التغيرات الإجتماعية والاقتصادية والسياسية إلى مجتمع عشوائي يختلط فيه الصالح بالطالح حتى يتحول إلى الصالح بفعل اختلاطه إلى معكوسه.. 

هنا نجد ذلك المعكوس هو ما يحدث في فلوريدا بالقرب من ملاهي ديزني لاند وإلى جانب فنادق السبع نجوم ومنتجعات الأثرياء الذين لا يدرون عن أولئك الفقراء بالرغم من تلك المسافة القصيرة التي تفصل بينهما..

اعتمد الفيلم على أمرين لنقل قضاياه إلى وجدان المشاهد، الأمر الأول هي حركة الكاميرا من منظور الأطفال معظم المشاهد مما ساعد في نقل الصورة الكاملة للمكان بشكل منصف وصادق لا يشوبه الكذب أو الخداع.. والأمر الثاني هو ذكاء الحوارات التي لم تكن تشرح القصة بل تستند إلى مدى تركيز المشاهد وهو يتابع النقاشات بين الشخصيات.. وبالمناسبة فإن الفيلم قد نجح في سرقة انتباهي بشكل رائع عبر ألوانه الخلابة التي كانت متناسقة وساطعة على الشاشة مع اختيار زوايا التصوير بشكل جميل في الكثير من اللقطات التي ستعلق في ذهن المشاهد بمجرد أن يرى تريلر الفيلم فقط.. 

لا وضعكم الله في موضع أحد من أولئك الذين يعيشون في هذا النوع من الأماكن، ان حياتهم عبارة عن فوضى لكنها محكومة بقوانين روتينية تجعل المرء ييئس من تبدل حاله إلى حالة أفضل، كل شئ يفعلونه هو بمثابة معركة، معركة دفع الإيجار، معركة البحث عن عمل، معركة التنقل من مكان إلى آخر سيراً على الأقدام، هي بيئة متكاملة لصناعة جيل ناشئ من الأطفال تتغير نظرته إلى الحياة من عالم وردي إلى عالم مظلم داكن وقاتم..

لا أود الخوض في بعض التفاصيل درءاً للحرق لكنني أود أن أشكر طاقم التمثيل على الواقعية الشديدة في تجسيد ذلك الجزء القمئ من العالم وأخص بالذكر الطفلة التي قدمت شخصية "موني" والتي امتلكت الشاشة طولاً وعرضاً كون الفيلم في الأصل يعرض من منظورها هي حتى تحول ذلك المنظور في مشهد النهاية الذي تم تنفيذه على أكمل وجه.. 

ويليام دافو ذلك الرجل صاحب الكاريزما العالية والذي كان وجوده في الفيلم بمثابة حجر الثقل الذي يستند عليه المخرج عندما يدخله في المشاهد بين حين وآخر في دور استثنائي مختلف عما نرى فيه ويليام دائماً.. 

الفيلم لا يصلح للمشاهدة العائلية 🚫


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة فيلم مندوب الليل

مراجعة التحفة التلفزيونية Succession

مراجعة فيلم كيرة والجن