مراجعة فيلم Top Gun : Maverick


 "هذه هي السينما يا عزيزي.. وهذا هو أفضل أفلام السنة حتى شهرنا هذا"

يا له من تحدٍ كبير قد وضع نفسه فيه، لكنه وكمعظم التحديات التي يتواجد بين مطرقتها وسندانها فقد كان أكبر منه ونجح في الإنتصار عليه بإنتصارٍ ساحق سواء على الجانب التمثيلي أو الدرامي أو حتى الحس الفكاهي الغير معتاد من توم كروز..

ذلك التحدي لم يكمن في صناعة جزء ثاني لفيلم كان جزؤه الأول أقل بكثير مما توقعنا، جزء ملئ بالثغرات الكتابية والهفوات الدرامية والكليشيهات التقليدية التي جعلت معظم من شاهدوه لا يتحمسون لمتابعة الجزء الجديد من الفيلم وخصوصاً محبي السينما وتوم كروز خارج أمريكا، لكون فيلم Top Gun 1986 هو إرث سينمائي أمريكي يحبه ثلاثة أجيال من الأمريكان، الجيل الذي حارب في فيتنام، والجيل الذي عاصر صدور الفيلم في حقبة الثمانينات، إلى أن تصل إلى الجيل الذي شاهد شغف أبوه وجده من قبله بهذا الفيلم صاحب الشعبية الكبيرة هناك..

في هذا الجزء يعود ماڤريك - توم كروز - إلى مدرسة القتال المعروفة باسم Top Gun عقب طرده منها قبل ثلاثين سنة، تلك العودة التي جاءت بتوصية من صديقه "آيسمان" - ڤال كيلمر - والذي ترقى طوال تلك الفترة حتى أصبح قائد الأسطول الجوي في المحيط الهادئ والذي لم يجد أحداً يضاهي مافريك لكي يقوم بتدريب نخبة الطيارين في مدرسة القتال على مهمة قتالية سرية ومعقدة للغاية..

إن جميع عناصر هذا الفيلم سواء القصة أو السيناريو أو الحوار أو التمثيل أو الإخراج أو التصوير قد تم استخدامهم بشكل أمثل لا تشوبه شائبة، كل ذلك بالتأكيد كان تحت عباءة موسيقى هانز زيمر التي لو وُضِعَت على مشاهد فيلم هزلي رخيص لرفعت من أسهم نجاحه.. 

ولم تكن تلك العناصر فقط هي المستخدمة بشكل مثالي، بل أيضاً العناصر الموجودة في الجزء الأول سواء كانت الإيجابيات أو حتى السلبيات، لكم أن تتخيلوا بأن استخدام تلك السلبيات قد عالجها في هذا الجزء وحولها من سلبية محطمة في أعين المشاهد إلى إيجابية لامعة تحلق في أرجاء مخيلته السينمائية.. 

العلاقة المضطربة بين مافريك وروستر، والثقة المفقودة بين أفراد المهمة، بل ماضي مافريك في المدرسة والذي لا يفارق خياله أينما ذهب وارتحل، كل ذلك تم ربطه بشكل رائع ووضع تمهيد لذلك الربط بمشهد حواري مطول لكنه كان الأسلوب الأكثر تكاملاً في تقديم الشخصيات المساندة لتوم كروز في هذا الفيلم..

ظهور ڤال كيلمر هو الأكثر تأثيراً على المشاهدين في صالة السينما، ظهور شاحب وباهت جسدياً لكننا كنا نشاهد ذكرياتنا مع أفلام هذا النجم الذي أصابه المرض والكبر في مقتل، أما الطريقة التي ظهر بها في الفيلم كانت أذكى طريقة ممكنة في حوار مبتكر ومؤثر يحسب فيه لنجم بقيمة توم كروز إبرازه لكيلمر بعد أن نسيه الجميع تقريباً.. 

معارك الطائرات سواء خلال التدريب على المهمة أو عند بدء المطاردات تم تنفيذها بشكل خيالي على المستوى البصري أو التقني أو السمعي وحتى الحواري والكتابي، فبالتأكيد كل مناورة بين طائرة تنتمي إلى نوع وطلئرة تنتمي إلى نوع آخر كانت مدروسة من قبل متخصصين ومحترفين حتى يخرج لنا بهذا الشكل المتكامل فنياً وحتى من ناحية الواقعية رغم بعض الشوائب الكليشيهية المعتادة في أفلام توم كروز.. 

إن العلاقة بين توم كروز وبين الجنون والمخاطرات والركض في كل فيلم والسعي نحو البقاء على قيد الحياة حتى الرمق الأخير هي علاقة طردية تتصاعد بمعيار متوازي لا يختل في أعيننا كمشاهدين لأن ذلك المعيار أصبح علامة مسجلة في برمجتنا العصبية على فولدر محفوظ داخل أدمغتنا يسمى بفولدر توم كروز، فولدر لا يقبل الحذف أو الاستبدال أو حتى إعادة تسميته بإسم ممثل آخر مهما كان..

⭐⭐⭐⭐⭐

ينصح بمشاهدته في صالات السينما وعبر شاشات آيماكس ودولبي وبرايم فقط، وإياكم أن تشاهدوه على شاشات غير التي ذكرت حتى تستمتعوا بتجربة سينمائية تذكرنا بزمن هوليوود الجميل الخالي من الأجندات. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة فيلم مندوب الليل

مراجعة التحفة التلفزيونية Succession

مراجعة فيلم كيرة والجن