مراجعة فيلم Everything Everywhere All At Once


 "هناك ألف إحتمال لكي تحيا خلاله ألف حياة مثالية تتمناها لكن حياتك الحالية غير موجودة فيها.. لا تبتئس وابتسم فأنت تحيا في الحياة المثالية رقم ألف وواحد"


التقييمات المرتفعة لا تهبط والمراجعات النقدية الإيجابية لا تتوقف والشغف الموجود بداخلي نحو هذا الفيلم يزداد والتوقعات المبنية على كل ذلك وصلت إلى سقف لا حدود له، لكن الأجندات المفروضة علينا كمحبين للسينما هي أمر نزل على رأسي كالمطرقة فأسقطني من أعلى جبل التوقعات الذي بنيت طوال الشهور الماضية والتي انتظرت خلالها صدور هذا الفيلم الذي يعد صاحب الضجة الأكبر في سنة ٢٠٢٢ بل وحتى السنوات السابقة إلى وقت قريب..

لن أتطرق إلى أجندة الشذوذ التي فُرِضَت علينا في أكوان متفرقة في هذا الفيلم، لكنني لن أتجاهلها عند رؤيتي الكاملة له والتي تأثرت كثيراً بالسلب نتيجة لها.. 

وفي نفس الوقت حاولت أن أكون منصفاً بعض الشئ مع وجود شخصية شاذة رئيسية بناءاً على اختيارها، ذلك الإختيار المترتب عليه عواقب متعددة في حياتها ومن حولها وهو الأمر الذي اعتبرته واقعاً يختاره الشواذ جنسياً في الحقيقة، لكن كمية الحشر ومحاولة تطبيع ذلك الفعل على فطرتنا البشرية كان حبكة درامية عارية لم تجد أي واقعاً تستتر وراءه..


إن الفيلم أعزائي هو درب من دروب جنون الدانيالز - مخرجي الفيلم - واللذين قدما لي جنوناً خالصاً في فيلم من أغرب ما شاهدت وهو Swiss Army Man عام ٢٠١٦، ذاك الفيلم حمل لمحة بسيطة من أفكاريهما المجنونة والتي وصلت إلى مستوى خارق في سنة ٢٠٢٢ عند عرض فيلمنا الذي نتكلم عنه الآن..


مثلما اعتبر البعض بأن الفيلم الألماني الصامت Metropolis لمخرجه فريتز لانج هو عراب أفلام المستقبل، وبأن الفيلم الألماني الصامت كذلك The Cabinet of Dr Caligari هو عراب أفلام العصف الذهني أو البلوت تويست - وهما فيلمين مر عليهما قرن من الزمان أو ما يقاربه - فإن فيلم Everything Everywhere All At Once إنتاج عام ٢٠٢٢ هو عراب أفلام الأكوان المتوازية من وجهة نظري حتى ولو سبقته بعض الأعمال التي تناولت هذا النوع لكنها لم تصل قط إلى عشر ما وصل إليه هذا الفيلم في البناء والربط والخيال والابتكارية - مع التحفظ على بعضها - وجنون الكتابة التي وصلت إلى مستوى خارق من التوازن خلال ربط التفاصيل بخيوط قوية شديدة الحبكة..

عن التنقل الغير متوقع بين العوالم والأكوان، عن كيفية التأثير بين كون وآخر، عن الحوارات الكوميدية الرهيبة التي تتناقل بين نفس الشخص لكن في عوالم متعددة.. مجموعة غير مسبوقة على عيني كمشاهد من التنقلات البصرية بين الأماكن، ومجموعة مبتكرة من مشاهد القتال والحركة التي لم تكن بالشكل المطلوب في بدايتها لكنها تصاعدت بجنون حتى نصل إلى النهاية الأشد جنوناً..

وكما ستضحك طوال أحداثه فستجد نفسك في منعرجات درامية لا تتناسب أبداً مع القهقهة التي صدرت منك قبل دقائق، منعرجات قد تجعلك تتأثر وبعضكم قد يبكي على إثرها، العلاقة بين إيفلين وزوجها، العلاقة بين إيفلين وابنتها، العلاقة بين إيفلين ووالدها، بل نرى تلك العلاقة في عدة أكوان كيف كانت أو ستكون ثم نجدها تترابط سوياً في كون واحد بطريقة سلسة وبسيطة كما لم نراها طوال الأحداث.. 

لا أخفي عليكم بأن الحبكة كانت تتخذ قرارات غير مدروسة وبالتالي لا منطقية ومن ثم طفولية بعض الشئ وخصوصاً في الثلث الأخير من الفيلم لكن تلك القرارات لم تؤثر من وجهة نظري في حبكة الفيلم الأساسية والتي أختلف معها في أمور لكني أتفق معها في أمور أخرى.. 

نحن نرى الحياة من منظورنا نحن فقط، نعتقد بأن من حولنا لا يمدون يد العون إلينا، ننسب فشلنا إلى غيرنا ونصب جام غضبنا عليهم، نرى مخطئين بأنهم سبباً في جعل حياتنا حياة تعيسة، لكننا لا نراهم من منظور ثالث محايد، منظور يكونون هم سندنا الذي نأبى أن نستند إليه، ويكون نجاحنا ركن أساسي من أركان أحلامهم، يرغبون في جعل حياتنا سعيدة ولو بابتسامة بسيطة تجري على شفاهنا في ساعة عابرة من الساعات، إنهم أولئك الذين نفقدهم إذا غابوا ونستشعر قيمتهم عندما يرحلون، فشكراً لهم كونهم جعلوا حياتي هي الحياة المثلى رقم ألف وواحد حتى وإن كان وجودهم فيها أمر مؤقت مكتوب عليه الزوال في يوم ما .. 

تعليقات

  1. مراجعة عظيمة، ما كنت اعرف ان الفلم فيه تطرق كبير للمثلية.. جاني إحباط حقيقة.

    ردحذف
  2. مراجعه رااااائعه حمستني للفيلم
    مبدع يامحمود 🙏🏻

    ردحذف
  3. خربوا الفلم بالاجنده

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة فيلم مندوب الليل

مراجعة التحفة التلفزيونية Succession

مراجعة فيلم كيرة والجن