مراجعة فيلم كيرة والجن



"لا يوجد فيلم مصري حالياً يستحق تقييم أكثر من ثلاثة نجوم مهما كان أبطاله أو مؤلفه أو مصوره أو مخرجه وأي تقييم أعلى من هذا فهو غير موثوق على الإطلاق" 

هو أول الخيبات السينمائية في عام ٢٠٢٢ رغم معالم الخيبة الواضحة منذ نشر بوستر الفيلم الرسمي المصمم ببرنامج الرسام، وبعد عرض تريلر الفيلم العشوائي الذي فضح كل مشاهد الفيلم تقريباً، وانتهاءاً بمشاهدتي له قبل قليل والتي كانت تجربة مبشرة في بدايتها كطائرة مدت أجنحتها استعداداً للإقلاع في السماء لكنها تحولت فجأة إلى توكتوك شعبي مزعج وغوغائي حتى انقلب بمن هم على متنه في وحل من الهراء الكتابي والإخراجي والتمثيلي في تجربة من أبغض ما شاهدت..

خمسة وستون ريالاً هي قيمة المبلغ الذي تم استقطاعه من حسابي البنكي مضافاً إليه خمسة ريالات قيمة الضريبة المضافة مع مبلغ أربعين ريال قيمة الفيشار والمشروب بإجمالي مائة وثلاثين ريالاً تم صرفها لشراء ذكرى سينمائية باهتة تمنيت لو أني قد صرفتها في أمور أخرى أكثر أهمية..

بدأ الفيلم بداية مميزة - نعم مميزة- تقديم للشخصيات الرئيسية ببراعة والمساعدة بإتقان وحتى تلكم العابرة تم وضع خط قصصي مناسب لها مهما كان قصير، مع مبررات منطقية لمعظم القرارات وتوغل أكبر في باطن أحداث ثورة ١٩١٩ والاي تم تنفيذ اغلب مشاهدها بشكل مقبول..

هنا نالت مني الطموحات وارتفع السقف مع ارتفاع الأحداث حتى سقط السقف على رأسي تدريجياً منذ رأيت التنفيذ الكاري لمشاهد الرصاص على الطريقة الكرنجية والمنفذة بشكل سئ للغاية مع استخدام كارثي لمعظم المؤثرات البصرية وخصوصاً في مشهد مطاردة السيارات الذي كان أسوأ مشهد شاهدته وتم تنفيذه بالشاشة الخضراء على الإطلاق في فشل ذريع من مخرج توسمت فيه الكثير لكنه رفع الفيلم إلى مستوى يتخطى مستواه الإخراجي بكثير فالمقاول لن يصبح مهندس، والتمرجي لن يكون طبيباً، والمخرج المصري المحلي لن يصل أبداً إلى المستوى العالمي..

بدءاً من هنا انحدر الفيلم وسقط تماماً بعدما توقعت معظم حبكاته المعتادة، وتقززت من كليشيهاته الرخيصة ونفرت تماماً من الأفكار القذارة التي تم نسبها للمقاومة المصرية من سمر وعربدة وزنا ورقص ومسخرة لا تتناسب مع هول القضية التي يقومون بها كما لا تتناسب مع المثاليات التي ينصح بها أبطال الفيلم على ألسنتهم وفي حواراتهم المتناقضة والمتضادة والمختلف عما رأيت وكأن كل مشهد يمتلك كاتباً ومؤلفاً عكس الآخر.. 

وحل وحل وحل لا ينتهي.. حتى وصلت إلى نقطة التساؤل عن متى ينتهي الفيلم غير آبهاً بنهايته مهما كانت وأياً كانت.. 

إننا في مصر لا نمتلك ممثلون، أو مخرجون، أو كتاب سيناريو وحوار، أو مؤلفون - إلا ما رحم ربي - فالجميع موظفون يمتهنون مهنة من أجل الحصول على المال فقط بدون أي تطوير للموهبة إن وجدت فيهم ولا الواسطة إن فرضت علينا، ولن ينصلح حال السينما عندنا إلا بعد استقدام مخرجين أوروبيين وأمريكيين مهما كان اسمهم صغيراً أو كبيراً في عالم الفن، لأن الرؤية الإخراجية لأي مخرج أجنبي هي أفضل بكثير من رؤية جميع مخرجي مصر مجتمعين..


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة التحفة التلفزيونية Succession

مراجعة فيلم مندوب الليل