مراجعة فيلم The Unbearable Weight of Massive Talent

 

"لقد عدنا، رغم أننا لم نترك مكاننا من البداية" 

هذا هو ما وصف به نيكولاس كيج نفسه في نهاية الفيلم.. وصف يتجلى خلاله بحر من الكلمات التي تمثل ممثل كان هو الملك الأول لشباك التذاكر في التسعينات وصاحب الموهبة الأبرز خلال ذلك العقد الذهبي.. ممثل جمع بين حب الجماهير وإشادة النقاد في آن واحد وهي المعادلة التي فشل فيها الكثير من النجوم طوال مسيرتهم الفنية.. حتى توج كل ذلك الحب والاشادة بجائزة الأوسكار عن فيلم Leaving Las Vegas وهو من الأفلام التي لم يتم ذكرها طوال أحداث فيلمنا هذا في رسالة من كيج لنا كمشاهدين بأن جائزة الأوسكار ليست أكثر أهمية بالنسبة له من عمله في هذا المجال الذي يعتبره حياته الحقيقية وإن لم تكن كذلك..

عندما نقرأ إسم نيكولاس كيج أو يمر على مسامعنا أو تظهر صورته على الشاشة أو في مواقع التواصل الإجتماعي نجد خيالنا يعرض فيلماً سريعاً داخل عقلنا الباطن وكأنه شريط من ذكريات أفلامه التي رافقتنا كمحبين للسينما..

شريط ملئ بالأكشن والحركة والإثارة والدراما والكوميديا.. شريط ملئ بصعود شاهق على قمة السينما ومن ثم سقوط ساحق في قاع الصناعة.. من رجل مشهور موهوب يملك كل شئ إلى رجل مثقل كاهله بالديون والضرائب التي لا نهاية لها.. لدرجة أن معظم أبناء الجيل الجديد من الألفية ينكرون موهبته بل ويتعجبون من وضع كيج في قائمة أفضل الممثلين في تاريخ هوليوود وكأن تاريخه في نظرهم هي السنوات العشر الأخيرة فقط التي قام خلالها كيج بالتمثيل في هراءات سينمائية وأفلام فاشلة وسيئة ولا تستحق الصناعة من الأساس..

كل ما ذكرت في الأعلى هو ما كان يدور حوله فيلمنا هذا، نجم مشهور اضمحل ضوءه واندثر وأصبح يتوسل المنتجين من أجل القيام بدور ما في أفلامهم، مديون للجميع وفاشل أسرياً لكنه لا يزال يملك الشغف والأمل بأن يعود ليصبح ما كان عليه قبل هذا كله، إلى أن يصل إلى درجة من اليأس تجعله يقرر أن يعتزل التمثيل ويرضى بالأمر الواقع بعد أن يشارك في حفل دعاه إليه أحد محبيه الأغنياء في أسبانيا والذي سيتقاضى خلاله مليون دولار لتكون آخر ما يتقاضاه من وراء هذه المهنة، لكن يبدو أنه اختار اللحظة الغير المناسبة للإعتزال لأن ذلك الحفل سيغير حياته تماماً..

رغم رجوع كيج المتقطع وعلى فترات بعمل جيد كل بضع سنوات مثل فيلم Mandy عام ٢٠١٥ وفيلم Pig عام ٢٠٢١ لكن ذلك الرجوع لم يكن من خلال شركة سينمائية كبرى بل من خلال شركات صغيرة ومستقلة وهي لا تتناسب مع قدر كيج لدى محبيه.. لكن هذه المرة كان رجوعه عبر بوابة فيلم هوليوودي من إنتاج شركة ليونز جيت الكبرى وبميزانية ضخمة مقارنة بسابق أعماله وبقصة أثارت اهتمام الجميع كونها تناقش كل ما قيل ويقال عن حياة نيكولاس كوبولا وهو الإسم الحقيقي لنيكولاس كيج..

هذا الرجوع حقق آراء نقدية مرتفعة للغاية ومن ثم نجاح جماهيري كبير وضخم وبالتالي تحقيق المعادلة التي ذكرت بالأعلى وهي النجاح الجماهيري والنقدي في نفس الآن.. لكن السؤال الأهم هل استحق الفيلم كل هذا النجاح؟..

بالطبع نعم.. وكذلك لا.. 

سيناريو الفيلم كان جيداً إلى حد كبير، أصابه بعض الوهم في المنتصف وعند النهاية لكن طرح القصة لم يكن يطرح بشكل أفضل من هذا السيناريو.. كذلك الحوارات التي تناولت حياته والسلبيات التي تعج بها شخصيته من ديكتاتورية الرأي ونرجسية النفس كذلك عدم الإعتراف بالواقع وأن عليه أن يطور من نفسه لتتناسب مع الطفرة السينمائية التي تدور حوله.. كل ما يتعلق بالقصة والسيناريو والحوار وبالطبع أداء نيكولاس كيج كان بين الرائع والجيد لكن ما سيأتي بعد ذلك كان من ضعيف إلى سئ جداً..

مشاهد أكشن كارثية مع تنفيذ أسوأ للمطاردات، عدم الإستفادة من جمال الطبيعة في إظهار صورة سينمائية تقبع في مخيلتي كمشاهد بل كادرات مكررة في أماكن لا تتبدل، جميع الممثلين رفقة كيج اداؤهم ضعيف إلى سئ، موسيقى الفيلم كانت لا تتناسب مع المشاهد المرفقة معها.. كل ما له علاقة بتلك العناصر فشل فيه المخرج فشلاً ذريعاً ولولا أن الفيلم قصته عن نيكولاس كيج ويجسد نفسه فيه لكان فيلماً فاشلاً جديداً ينضم إلى جوار عشرات الأفلام الفاشلة التي شارك فيها..

نيكولاس كيج لم يترك مكانته في قلوبنا كمحبين للسينما والأفلام هو فقط ظل مكانه لا يتقدم، حاول أن يجتهد ليخرج نفسه من حفرة الديون الساقط فيها لكنه وجد نفسه قد خرج من الحفرة وهو ملطخ بهراء فني لا يليق أبداً بمثل مكانته.. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة التحفة التلفزيونية Succession

مراجعة فيلم مندوب الليل

مراجعة فيلم كيرة والجن